السبت، 25 فبراير 2012

قصة نجاح ~ مبتكر السنافر !


استعد البلجيكي بيير كوليفورد Pierre Culliford جيدا للمقابلة الوظيفية التي ستنتظره غدا لشغل وظيفة مساعد طبيب أسنان في إحدى العيادات الشهيرة في بروكسل. تناول عشاء خفيفا عند السابعة مساء، ثم جرب ارتداء قميصه السماوي للمرة الحادية عشرة، الذي اشتراه خصيصا للمقابلة. قبل حلول الساعة التاسعة كان بيير يغط في سبات عميق، استيقظ مبكرا جدا.. تحمم ثم أعد فطوره المفضل. كأس حليب مع تفاحة طازجة اشتراها بالأمس من البقالة المجاورة، ارتدى سرواله وقميصه الجديد. سرح شعره وقطف مفتاح غرفته من الطاولة، بحث عن محفظته التي يضع فيها بطاقاته ونقوده، لكن لم يجدها على الطاولة أو ما جاورها. قلب الغرفة رأسا على عقب دون جدوى.. تلوث قميصه الجديد بعرقه وقلقه وسرواله بالغبار وتوتره. فتش عنها في كل مكان.. في دورة المياه وتحت السرير. في المطبخ وبين الأواني بلا نتيجة. كان الوقت يمر سريعا جدا جدا، كانت المرة الوحيدة التي فكر فيها في تحطيم ساعة يده التي ورثها من عمه ليضع حدا لنزيف الوقت، لم يتبق على موعده سوى ساعة فقط.. والحافلة التي ستقله إلى مكان المقابلة تحتاج إلى نحو 40 دقيقة. كان في حيرة من أمره، هل يواصل البحث أم يذهب؟ كان بين خيارين أحلاهما مر. لو واصل البحث قليلا ربما لن يدخل المقابلة بسبب تأخره، ولو ذهب قد لا يدخل لأنه لا يملك أي إثبات أنه بيير كوليفورد. لم ينتظر طويلا. قرر أن يذهب عاريا من هويته. لكن الحافلة تأخرت، تأخرت أكثر من نصف ساعة. ووصل إلى الموعد متأخرا نحو ربع ساعة. سُمح له بالدخول بشرط ألا ينبس ببنت شفة. وجد موظفين حانقين قالا له بصوت واحد: لن تحصل على هذه الوظيفة أو غيرها. من لا يحترم الوقت لن يجد من يحترمه. حاول أن يدافع. بيد أنهما منعاه قائلين على الفور: اخرج لو سمحت. خرج والدموع تحتشد في محاجره.
عاد إلى المنزل يجر أذيال الخيبة. اضطر مكرها قبول العرض الآخر الذي تلقاه مبكرا للعمل كمتدرب في استوديو للرسم، لتسديد التزاماته المالية وديونه المتراكمة. لم يكن العرض مغريا له. الراتب زهيد والدوام طويل جدا، لكن بيير اكتشف نفسه في الأستوديو. رجع لمزاولة هواية الرسم التي ابتعد عنها طويلا بفضل تشجيع مدربيه، والأجواء الملهمة التي وجدها في المكان. تعرف لاحقا على رسامين مبدعين كاندريه فرانقيون وموريس. عمل مع اندريه في مجلة لرسوم الأطفال وحقق نجاحا كبيرا. وعُرف باسم (بييو) Peyo. انتشر اسمه سريعا وأصبحت أعماله محل إعجاب الكثيرين.

في سلسلة (جون وبيويت) الكوميدية ظهرت شخصية كارتونية ابتكرها (بييو) باسم (السنافر) لأول مرة. حققت الشخصية نجاحا مدويا. انتقلت من عالم الورق إلى التلقزيون ومن ثم إلى السينما. انتشرت شخصيات السنافر من المحيط إلى المحيط منذ عام 1958 وحتى اللحظة

 

السنافر باتوا في كل مكان وبكل اللغات، كدمى وكألعاب فيديو وكقصص وروايات. تهفو إليهم قلوب الأطفال والكبار معا. تخيلوا المشهد فقط لو وجد بيير محفظته في الوقت المناسب لربما أصبح مساعد طبيب أسنان مغمور. سيموت ولن يعلم عن موته أحد، لكن عندما مات في عام 1992 اتشحت الصحف البلجيكية بالسواد كأنها في مأتم. تعاملت مع وفاته كما تتعامل مع رحيل الزعماء والقياديين الأفذاذ.
إن ما حدث لبيير مع وظيفة طبيب الأسنان قد يحدث مع أي منا دون أن ندري، فقد نخسر وظيفة وفرصة نتطلع إليها ونحزن ونذوي إثرها، ولا نعلم أن الخير يكمن في تركها. لا يوجد أبلغ وأعظم من القول الكريم: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” في التصدي لهذا الحزن. نتألم كثيرا إذا أهدرنا فرصة غير مدركين أن الغد أكثر إشراقا، وإذا ضاعت فرصة فإن هناك الكثير من الفرص المتاحة. إن من أكثر المقولات التي تزعجني هي مقولة: “الفرصة لا تأتي مرتين”. إنها تأتي مرات عديدة ومديدة متى ما تحررنا من أحزاننا ومخاوفنا، وخرجنا بشهية مفتوحة إلى العالم المليء بالفرص، والمتسامح جدا مع المحاولات والتجارب.

أدبياتنا وثقافتنا للأسف هي مصدر للإحباط وذخيرة للتشاؤم. إن الله كريم جدا معنا، منحنا عشر أصابع في أيدينا ولم يمنحنا واحدة. فلمَ نقتصد في الفرص ونمعن في الضجر؟ لوكانت الفرصة لا تأتي مرتين، لما أحرز لاعب برشلونة، ليونيل ميسي، أكثر من 200 هدف، ولما نال الممثل الأميركي جاك نيكلسون 3 جوائز أوسكار.

لا تأسفوا على الفرص المهدرة، وإنما تأسفوا على حزنكم عليها، لأن الفرص لا تموت. لكن الحزن هو المميت. يخنق أرواحنا ويبلد مشاعرنا ويحرمنا من المحاولة والتألق.

 بقلم/ عبدالله المغلوث

 

السبت، 4 فبراير 2012

الإستثمار الأخلاقي

في كتاب آفاق من الحياة لدكتور وليد فتيحي و هو كتاب  يجمع فيه مذكراته و خواطره و أفكاره العلمية و الأدبية و الإجتماعية ، تحدث عن موضوع انجليزي قرأه و كان يتحدث عن " الإستثمار الأخلاقي" و ذهب يشرح فكرة الكتاب و معنى و شروط الإستثمار الأخلاقي وهذا هو موضوعنا .. ما هو الإستثمار الأخلاقي ؟ .. و يدفعني لنقل هذا الموضوع خاصة إننا في حاجة ماسة إليه و الموضوع بحاجة الى الإنتشار الواسع لعله يقابل من يعتنقه فيكون موضوعي شجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السمااااء .. فشاركني هذه الشجرة بنشرك للموضوع


الإستثمار الأخلاقي : هو مشروع استثماري يضع فيه المستثمر أمواله شرط أن يكون المشروع يهدف لخدمة المجتمع ولا يضره ضرر مباشر أو غير مباشر .. فيهتم بالبيئة و الصحة و المجتمع و الثقافة ولا يمسهم بضرر و تكون دوافعه أخلاقية و معاملاته تحكمها الأخلاق و  يشعر العامل فيها أنه غير مستنزف أو يُعامل معاملة السادة للعبيد  بل يأخذ أجر عمله و أن الشركة التي يعمل بها تساعده على أن يكون مواطنا صالحاً و تبنيه نفسياً و عقلياً و إجتماعياً .. فهذا المستثمر يحمل هموم مجتمعه و يسعى لإصلاحها من خلال مشروع كسبي أيضا أي أن الطرفين فائزين المستثمر من ناحية و العامل و المجتمع من ناحية أخرى فمن حق العامل الصعود و النمو مع نمو شركته


مشروع انتاج الدخان مثلا هو استثمار غير أخلاقي ، مشروع الأطعمة السريعة قد يبدوا للشخص العادي انه مشروع عادي ولا يوجد به ما يشينه ولكن الحقيقة أنه مشروع غير أخلاقي لأنه يضر على المدى البعيد و يسبب سلسلة من الأمراض تبدأ بالسمنة ثم السكر و ما يتبعه ، مشروع مثل إعادة تدوير المخلفات هو مشروع أخلاقي 
و يتوقف حكم المجتمع على مدى أخلاقية المشروع الذي يقدمه لهم المستثمر على مستوى ثقافته


كثير من الشركات الأجنبية أدركت أهمية ما ذُكر فأصبحوا يتبارون حول المشاريع الأخلاقية ! و تحكيم الأخلاق في المعاملة مع العمال و المظفون و تقديم التسهيلات لهم و كذلك إتقان العمل كي تكتسب الشركة مصداقية أو انطباع جيد أو غيرها .. بل ذهبت بعض الشركات تكافئ عمالها بأن تعطيهم أسهم في الشركة حتى يعمل الموظف او العامل على إنجاحها و كيف لا و هو جزء منها و هي جزء منه


ننتقل من الغرب الغير مسلمين إلى الشرق المسلم
هل أثرياؤنا مهمومون بقضايا المجتمع و ما يصلح الفرد؟ أم مهتمون فقط بجمع المال و إمتصاص المجتمع؟
سيسألنا الله يوم القيامة عن مالنا فيما أنفقناه
يجب على كل مستثمر أن يفكر بطريقة الإستثمار الأخلاقي و أن يكون له دور في إصلاح مجتمعه خاصة هذه الأيام ليس تفضلاً منه و إنما واجبه تجاه مجتمعه .


و نكرر سيسألنا الله من أين إكتسبنا أموالنا و فيم أنفقناها


د. وليد فتيحي
عرض و تلخيص : شيماء فؤاد