السبت، 8 أكتوبر 2011

لن أصلح الكون !




كنت سائراً في الشارع مع أحد أصدقائي، وجدنا أربعة أحجار تسده، فرفعنا اثنين منها وتركنا اثنين، أشار عليّ صديقي أن نرفع الجميع، فقلت له: لا.. رد عليّ مندهشاً: لكن الطريق لا زال مسدوداً!! قلت له أعلم.. لن أصلح الكون.

سرنا فوجدنا جبلاً من القمامة يحتل الرصيف، قلت له هيا لنشتري بعض أدوات التظيف وأكياس جمع القمامة، ونبدأ في التخلص من هذا الجبل، سُر صديقي جداً، وبدأنا العمل بجد لمدة خمس دقائق، نظر إليّ سعيداً قائلاً: "يبدو أنك تُكفر عن ذنبك لأنك لم ترفع الأحجار".. فابتسمت له بخبث قائلاً: لقد انتهت المهمة هيا بنا.. كاد أن يٌجن، فهاهم الناس يتجمعون حولنا، وبدأ البعض يصورنا بهواتفه، يمكن أن نصبح بطليْن شعبيين.. سألني مستهجناً: أتترك جبل القمامة؟؟ ومتى؟؟ الآن بعد أن جذبنا انتباه الناس؟؟ أجبته بثقة.. نعم الآن.. لأنني لن أصلح الكون.

البعض يظن أنه سيصلح الكون وحده، يريد أن يعمل في جميع المستويات على كل الأصعدة ليحل كل المشاكل التي تعترض مجتمعه، ويعتبر نفسه المسئول الوحيد عنها، وهذا أنصحه بشراء مجموعة من المهدئات وأدوية الضغط والسكر.

لقد تعلمت أن إصلاح الكون يتطلب تضافر جهود المعنيين بصلاح هذا الكون، وواجبي في رحلة الإصلاح أن أركز فقط على مجال أبرع فيه، وأقدم نموذجاً على إمكانية الفعل.

وجدت أن الشخص الناجح يلتف حوله الجمهور مشجعاً إياه. ثم فجأة ينصب ساحة تشجيع حول هذا الشخص، فقد وجد الجمهور بغيته، التصفيق والتشجيع.. ثم يمارس الطغيان، إنه طغيان الأغلبية، حين تطالب الناجحين بالمزيد والمزيد وتحملهم المسئوليات مضاعفة، فمن تمكن من حل مشكلة يصبح واجبه حل آلاف المشاكل، ويتمكن الجمهور بشراسته من إشعاره بمسئوليته تجاه كل المشاكل التي قد تفوق قدراته، الجمهور يشجع، ويريد أن تطول المباراة ليستمتع بالتشجيع والتسلط على اللاعب بالتوجيه ثم الصراخ فيه ثم السباب، الجمهور ينصب حلبة مصارعة الثيران حول الرموز التي تؤدي دورها، يطالبها أن تقتل ثور الواقع وحدها.. لذلك كان لابد من وقفة..

قررت أن أعيش حياتي لأثبت أنني لست مصارع الثيران، وبالتأكيد لست الثور، سأعيش لأثبت فقط إمكانية الفعل، أما الفعل ذاته فمسئولية الجميع، إن وجدتُ أربعة أحجار كبيرة تسد الشارع والناس تتجاهل رفعها من الطريق إما كسلاً أو توهماً بأن رفعها مستحيل، سأقوم بمهمتي، سأرفع نصفها وأترك البقية، لأثبت للناس إمكانية إزالة تلك العقبة، وأزلزل ضمائرهم وأحرر عقولهم من وهم المستحيل، لكنني لن أتم المهمة، ولن أقوم بدورهم، وسأحرمهم لذة التشجيع.

سأعرض نفسي كمصارع بارع، وأعلم أن الجمهور حينها سيفعل أفضل ما يحسنه، نصب حلبة الصراع. وساعتها سأدخل الحلبة بمحض إرادتي، لأثبت إمكانية مصارعة الثور، لكنني لن أقتله، وفي قمة تشجيعم سأهتف بعد أن أطعنه، أن انزلوا معي أو سأطلق الثور عليكم.. هبوا لتحققوا آمالكم، لن أحققها لكم، فلو قام كل فرد بدوره، وأدت كل مجموعة ما تتقنه؛ لتكاملت أدورانا وتغير الكون من حولنا..

أُعلنها بكل وضوح.. ليست وظيفتي إصلاح الكون، وظيفتي إثبات إمكانية إصلاحه.



* ,وائل عادل

هناك 5 تعليقات:

  1. بارك الله فيكى ... :)

    ردحذف
  2. مقال راائع ..

    جزيت خيرا . .

    ردحذف
  3. أُعلنها بكل وضوح.. ليست وظيفتي إصلاح الكون، وظيفتي إثبات إمكانية إصلاحه.

    رائعه كتاباتك مشاء الله حفظك الله ....;)

    ردحذف
  4. هذي المدونهـــ على مفضلتي ,,جميلهــ مررهـ ^_^

    ردحذف
  5. نحن خير امة اخرجت للناس11 نوفمبر 2011 في 8:45 ص

    ليس على الانسان اصلاح الكون ولكن التنويه بهذا الحالة جعل الانا في داخلي تشعر بالضعف كيف اترك حجرين في الطريق خلفي وانا افكر كل يوم ان من هناك من يحتاجني في رفع الحجارة من طريقهم .

    ردحذف