إذا كنت تريد أن تبدأ يومك باستقبال شكر على شيء لم تفعله فليس عليك إلا أن تركب في إحدى حافلات بولدر! ففي أول مرة أهم فيها بالنزول من أول حافلة أقلها في بولدر فوجئت بالسائق ينظر إلي عبر المرآة مبتسما بعد أن أخبرني أن "Thank you"! أكملت مشواري وأنا أفكر في هذه الكلمة ومفعولها السحري في النفس. ما الذي يجعل سائق الحافلة يشكرني؟ هل ملامحي أو ملابسي تشير إلى أن هذا هو اليوم الأول لي في هذه المدينة، فأراد أن يرحب بي بهذه الكلمة؟ أم أنه "ضرب شي حسبة" ووجد أن زبونا جديدا يعني ضمانا أكبر لاستمراره في عمله؟ أيا كان السبب، فإن سماع هذه الكلمة يترك أثرا طيبا يشرح الصدر.
فجأة تذكرت أنه يوجد في لغتنا العربية مرادف لهذه الكلمة لا يتعب لسان من نطقه (شكرا)، هذا إن كان الإنسان أكسل من أن يقول جزاك الله خيرا! لماذا لم أسمع هذه الكلمة قط من سائق حافلة مغربي من قبل؟ هل لأن راتبه أقل من أن يسمح له بالتفكير في مثل هذه "التفاهات"؟ أم لأن فاقد الشكر لا يعطيه؟ أم لأن المجتمع لم يتعود على هذا القدر من إبداء الاهتمام؟
بعد مدة سأكتشف بأن الشكر هنا عادة، حتى إنهم قد خصصوا له عيدا! وسأتعلم أن أسابق السائق وأبادره بالشكر، وسأتذكر أنه "من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل"[1].
[1] رواه أحمد والترمذي وحسنه (*).
* مدونة مصعب
http://bagdouri.com/blogs/