الاثنين، 9 سبتمبر 2013

كيف صهرت أمريكا جميع الجنسيات في بوتقة واحدة ؟/ كيف تجنبت الصراع الديني؟



نجحت أمريكا في صهر جميع الجنسيات و الأديان و الموروثات الثقافية في بوتقة واحدة عن طريق القانون الذي يحكم حياتهم وهو (  الإنتاج من أجل استقرارك - الإستهلاك من أجل سعادتك  - الإعلام)

- دعنا نتحدث عن نقطة الإنتاج أولا
في أمريكا ودول العالم الأول ( هذا الترتيب  الأول من حيث التكنولوجيا و التقدم الصناعي و توفر الطاقة )  في هذا العالم المتسارع في الإكتشافات العلمية التطبيقية و التطورات التكنولوجية  يسقط و يتراجع كل من لا يستطيع أن يجاري سرعته و معنى أن يسقط من  هذه الحياة العملية أن أنه يصبح لا قيمة له .. فقيمة الإنسان هناك بقدر ما ينتج و يستهلك!
و لذا اتسمت هذه الحياة الصناعية التي تحياها الدول المقدمة بالصراع من أجل الحفاظ على المكانة في العمل و بالتالي الحصول على الإستقرار الذي يسمح بتسرب قدر ضئيل من السعادة الى نفسه .

فالموظف و العامل بالكاد يجد وقتا للجلوس مع عائلته .. فأنى له بالوقت و الجهد الفكري الذي يسمح له بالإختلاف مع غيره في دينه أو موروثه الثقافي !


ثانيا : الإعلام بالتكاتف مع القانون
الإعلام هو الأداة الأخطر و الأكثر سحراً و تأثيراً على وعي الشعب الأمريكي على سبيل المثال - كشعب دولة من العالم الأول - فهو يدعو بشكل أساسي  و مستمر بلا كلل أو ملل الى الحرية-  و لا غريب أن من أهم معالمهم تمثال الحرية - و الحرية عندهم مطلقة الا عند حدود القانون .. و القانون يقول أن الدين حرية شخصية و من تحلى بالأخلاق فلنفسه اي أنها أيضا حرية شخصية لا شأن للدولة بها .. المهم ألا تسئ الى الأقليات فاليهود أقلية و الشاذون جنسيا أقلية و هكذا و القانون أيضا يتضمن احترام النظام .. وحرية الراي و التعبير حتى لو بصورة مخزية و شاذة ..
( و في كتاب أنا تتحدث عن نفسها في حوار بين المؤلف د. عمرو شريف و د. عبدالوهاب المسيري رحمة الله عليه ذكر قصة شاهدها د. عبدالوهاب بنفسه على التلفزيون في برنامج حواري يعرض أسرة من زوجة و طفلين دون سن العاشرة و زوج و عشيقه - و ليست عشيقته - يعيشون تحت سقف واحد و يشعرون جميعا بالسعادة ! ولا تمانع الزوجة من وجود عشيق للزوج ! و كذلك الأطفال .. و كان الجمهور يبعث برأيه في هذه الحالة فمنهم من يقول أنهم طالما سعداء و لم يشتك أحد فهم أحرار و مقبولين لدينا .. و منهم من لديه بقايا من فطرة سليمة رفض الوضع ولكن لم يستطع أحد من الرافضين ذكر سبب مقنع ( الفطرة مثلا - المرجعية الدينية - غيره ) لا يستطيع أحد الاعتراض الا بالقانون ! فوجدوا ثغرة قانونية يمكنها أن تفكك هذه الرابطة الغير سوية و قالوا أن الأطفال ليسوا في سن يسمح لهم باتخاذ قرارات رشيدة وربما مخدوعين ببعض الاغراءات و غيرها !
الى هذا الحد و أكثر تصل الفوضى اذا غاب الدين كمرجعية و منهج




و هكذا يشكل القانون شكل حياتهم و حدودها ،و يبرمج الإعلام عقلهم  من الداخل .
فالمهم هو الإنتاج و الإستهلاك .. فقط.


ثالثاً و على ذكر الإستهلاك .. فالإعلام و طبيعة الحياة المادية و السريعة جدا جعلت من الإستهلاك عامل سعادة للانسان فكلما استهلكت أكثر كلما استمتعت أكثر بالخيارات المتعددة هذا غير أن بعض السلع ستحقق لك مظهرا اجتماعيا جذاب و ممتاز و مهم !

و تدور الدائرة انتاج فاستهلاك
هل هناك متسع من وقت أو عقل  لأي شئ آخر ..


رابعا و عودة الى الإعلام و القانون
فهما يصران معا و يعملان في تكاتف و حزم على محو أي مرجعية دينية أو ثقافية من خلال تفكيك العامل الوحيد الذي يحفظ و ينمي هذه المرجعية الدينية أو الأخلاقية و هو الأسرة فيكفي أنه بمجرد أن يبلغ الشاب او الفتاة 18 عام فيترك اسرته و يكمل تعليمه وحده و يعمل من أجل نفسه و يتكفل الإعلام بعقله  انتاج و استهلاك و حرية

! ببساطة نجحت أمريكا  بأنها حولت الإنسان لآلة  مبرمجة و جردته من انسانيته .


و هذا المقال المختصر موجه الى دعاة الحرية و العلمانية المطلقة ..



جزء مما استفدت من كتاب : أنا تتحدث عن نفسها
تحديداً من حوار بين مؤلف الكتاب و د. عبدالوهاب المسيري رحمة الله عليه حول : الحضارة المادية و تأثيرها على الإنسان.

هناك تعليقان (2):